كتبت صحيفة “النهار “ما يلي : على رغم الصورة الضبابية التي تغلف تطورات عملية تأليف الحكومة وتطبعها بالتناقضات الواسعة بين اجواء متفائلة بالحلحلة القريبة وأخرى متشائمة، لن يكون هناك أي تطور جدي يعتد به قبل نهاية الاسبوع الجاري أو مطلع الاسبوع المقبل في انتظار عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل من زيارة أرمينيا بين الاربعاء والجمعة للمشاركة في اعمال القمة الفرنكوفونية. ومع ذلك، بدا لافتاً ان تظلل ملامح المرونة الاجواء السياسية المتصلة بمناخ تأليف الحكومة في اليومين الاخيرين من غير ان تقترن هذه الاجواء واقعيا بأي طروحات عملية جديدة لمعالجة ما تبقى من عقد وتعقيدات تعترض انجاز الاستحقاق الحكومي المأزوم.
وفي هذا الصدد قالت مصادر وزارية معنية بالمشاورات السياسية المتصلة بالاستحقاق الحكومي لـ”النهار” إن واقع عملية تأليف الحكومة بات بعد خمسة اشهر ونصف شهر في الشوط الاخير بما يعني ان “الطبخة” تقترب من النضج مهما كانت تعقيدات التأليف صعبة وهو أمر يستتبع توقعات أكثر تفاؤلاً من المرحلة السابقة، ولو أن أحداً لا يجازف حالياً باطلاق تكهنات وتقديرات عن الموعد التقريبي لنهاية ازمة التأليف. واذ أبرزت المصادر صعوبة ترجمة التزام الرئيس المكلف سعد الحريري تأليف الحكومة ضمن مهلة الأيام العشرة التي اطلقها الخميس الماضي، قالت ان الحريري، وان يكن لزم الصمت حيال الافتعالات التي شوشت على المهلة ومسعاه لاستعجال تأليف الحكومة، لا يبدو في وارد التراجع عن الاساسيات والثوابت التي ارساها في تشكيلته، وان جل ما يمكنه القبول به والتحلي بالمرونة حياله هو تعديلات من داخل التشكيلة التي أعدها لا تفضي الى نسف توازناتها التي وضعها بقصد الحفاظ على الطابع التوافقي للحكومة من جهة وحفظ ميزان القوى المتعادل تقريباً من خلال توزيع الحصص والاحجام والحقائب. ورأت انه لو رضخ الحريري لمطالب وضغوط كانت ولا تزال تهدف الى تبديل التشكيلة التي قدمها تبديلاً جذرياً فان ذلك يعني أولاً انه تخلى عن جوهر صلاحياته الدستورية التي تنيط به وضع التشكيلة الحكومية والتنسيق في شأنها مع رئيس الجمهورية، كما يعني انه يغامر بالانزلاق الى معادلات تهتز معها التوازنات داخل الحكومة وهذا ما لا يقبل به اطلاقاً.
وفي هذا السياق أكدت أمس مصادر “القوات اللبنانية” ان “القوات” لم تتبلغ بعد أي طرح حكومي جديد ولم تتلق أي اتصال رسمي من الجهات المعنية “لاطلاعها على الاجواء الايجابية المعممة في الاعلام والتي نجهل خلفياتها في انتظار ما قد يستجد خلال الساعات المقبلة”. واذ اوضحت ان لا معلومات وصلتها لتساهم في تعميم مناخ الايجابيات، لفتت الى وجود افكار يجري تداولها على امل ان تشكل الحل الفعلي المنشود. وتوقعت ان يكون الرئيس المكلف وجد جديداً مع رئيس الجمهورية قد يتيح الرهان عليه لتجاوز العقد. وأضافت ان حزب “القوات” منفتح على اي نقاش جدي يمكن ان يضع حدا للفراغ الحكومي ولا يضرب عرض الحائط تمثيله للبنانيين الذين منحوه ثقتهم، ومستعد للسير بأي طرح جدي من هذا النوع حينما يعرض عليه رسمياً.
في غضون ذلك، استوقفت المرونة التي يبديها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الاوساط السياسية، اذ مضى أمس في الحض على تسوية تنهي الازمة سريعاً. فقد كتب في صفحته على “تويتر”: “كفى بناء قصور من ورق. ان الظروف لا تسمح بهذا الترف، وعدّاد الدين يزداد في كل لحظة نتيجة الهدر والفساد والصرف العشوائي. ما من أحد أو مؤتمر لينقذنا. التسوية ضرورية ولا عيب في التنازل من أجل الوطن”.
وفي المقابل، استرعى الانتباه موقف تصعيدي لـ”حزب الله” من باب العودة الى توجيه الاتهامات الى المملكة العربية السعودية ضمناً بعرقلة تأليف الحكومة. وقال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أمس في هذا السياق: “أن الذي يعوق تشكيل حكومتنا ويعتقل حكومتنا كان قد مارس اعتقالا لرئيس حكومتنا من قبل”. وتساءل: “الآن، ما المصلحة في الصبر على هذا الامر؟ ما المصلحة في أن نترك الامور تجري على هدأتها؟ يجب أن نصرخ ونقول لا بد من تشكيل حكومة، وحكومتنا يجب ان تتشكل بإرادة شعبنا الوطنية وارادة قواه السياسية. كيف نأمن ان تحفظ سيادتنا ونحن لا نستطيع ان نشكل حكومتنا، الا اذا رفع الفيتو من يعطل تشكيل حكومتنا من الخارج؟ واذا لم نستطع الوقوف بوجه هذه المسألة، فكيف سنحفظ سيادتنا في ما بعد؟”. وأضاف: “نحن نقول للمرة الالف إن اللبنانيين معنيون بتشكيل الحكومة في ما بينهم، وعليهم أن يعطلوا كل العوائق والمعوقات ومن يعتقل الحكومة من الاطراف الخارجيين. ومصلحة لبنان تقتضي بأن نسرع في هذا الامر ونعتمد المعايير الواضحة المنصفة للقوى السياسية في لبنان التي تمثل شعبنا اللبناني حقيقة”.
وجاء موقف رعد فيما كان وزير الخارجية جبران باسيل يبدأ جولة على عدد من الدول العربية لتسليم زعمائها دعوات للمشاركة في القمة التنموية الاقتصادية التي تستضيفها بيروت في كانون الثاني 219. وكانت أولى محطاته في الكويت حيث التقى أميرها الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح ووصف هذا اللقاء بانه “ممتاز وأخوي” ونقل عن امير الكويت وعده بانه يكون اول الواصلين الى قمة بيروت التنموية.
وفي سياق التحركات الديبلوماسية المتصلة بازمة تأليف الحكومة، استكمل السفير المصري نزيه النجاري أمس لقاءاته والمسؤولين الكبار، فالتقى بعد الرئيس عون رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري، انه نقل اليهم “اهتمام القاهرة بتشكيل الحكومة، حفظا للبنان واستقراره، ونقلت أيضاً إلى الرئيس المكلف هذا الاهتمام، وأعربت عن دعم مصر له في سعيه إلى إنجاز مهمته في أسرع وقت ممكن، بما يحفظ استقرار البلاد ويسهم في حفظ استقرار المنطقة العربية ككل