أقيم مساء اليوم في كنيسة مار مخائيل في بكفيا قداس في الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد الرئيس بشير الجميل حضره إلى عائلة الرئيس الشهيد النائبة السابقة صولانج الجميل ونجليها النائب نديم الجميل ويمنى الجميل زكار، الرئيس أمين الجميل وعقيلته جويس، ممثل الرئيس سعد الحريري النائب جان اوغاسبيان، وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، ممثل رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع النائب انطوان زهرا، النائب سيرج طورسركيسيان، الوزراء السابقون: ابراهيم نجار، نائلة معوض وسليم وردة، نقيب المحامين جورج جريج، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، المستشار في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، ومستشار الرئيس الحريري داوود الصايغ.
وحضر أيضا رئيس “حركة المستقلون” رازي الحاج، رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض، رئيس “جبهة الحرية” فؤاد ابو ناضر، رئيس اقليم المتن الكتائبي ميشال الهراوي، ميشال جبران تويني، إضافة إلى أعضاء المكتب السياسي الكتائبي وشخصيات سياسية وحزبية واعلامية ونقابية.
وترأس القداس الأب جورج جلخ، وعاونه الابوان الحاج وايلي مظلوم، وخدمته جوقة اللويزة بقيادة الاب الدكتور خليل رحمة.
جلخ
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى جلخ عظة قال فيها: “نحتفل في هذه العشية المباركة بعيد ارتفاع الصليب المقدس وبالذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد الرئيس بشير الجميل ورفاقه. 33 سنة قضاها الرب يسوع على أرضنا يعمل الخير ويزرع السلام والامل والرجاء والمحبة، توجها بإنتصاره على الصليب الذي ذهب اليه حرا مختارا فداء للبشرية بأسرها. نعم يسوع انتصر بالصليب، ولم ينتصر بالحرب والقهر والظلم، وانما من أعلى صليبه حرر الانسان من كل ما ومن كان يستعبده “بك ننتصر”، أي بالصليب ننتصر، صار شعار المسيحيين، وهذا يعني أننا لن ننتصر الا بالحب والغفران والتلاقي”.
أضاف: “لما أسلم يسوع روحه على الصليب، يقول لنا الانجيليون، انشق حجاب الهيكل، هذا الحجاب الذي كان يفصل بين اليهود وغير اليهود، وبين طبقات المجتمع قبليا ودينيا. كل واحد منا اليوم في هذا العيد وهذه الذكرى يعود الى نفسه، يفكر ويصلي. أيامنا اللبنانية لا تدعو الى الخلوة. ومع ذلك، سنفكر معا، سنصلي معا، وسنجدد إيماننا معا بلبنان، حلم به بشير يوما، وكان يحقق الحلم لو لم تمتد اليه يد الغدر والاجرام”.
وتابع: “33 سنة قضت ولبنان ما زال معلقا على صليبه، لماذا يا ترى؟ أظن لأننا نحاول أن نفتش على الخلاص بعيدا عن الصليب، أي بعيدا عن المسؤولية والتضحية، بعيدا عن التلاقي والغفران، بعيدا عن الحرية. عدنا نفتش عن الحلول بقوة السلاح، وهذا معاكس للصليب والمصلوب عليه. عدنا نفتش عن الحلول بالسيطرة على بعضنا البعض وبإلغاء واحدنا الآخر. عدنا نفتش عن الحلول بسلبية، إما أن تأتي هذه الحلول على يدي أو لا تكون، فهذا كله معاكس للصليب، فالصليب كله إيجابيات، هو جسر عبور الانسان الى أخيه الانسان والى الله”.
وأردف: “الرئيس الشهيد بشير حمل صليبه وصليب الوطن حرا مختارا فصار القائد والرئيس المسؤول والمضحي حتى الدم. سر نجاحه كان في تواضعه وفي التفتيش عن حلول لكل المشاكل لا وصفها والتباكي من دون أن يفعل شيئا. مهما كبرت الصعاب، وكم كانت كبيرة في أيامه، واجهها بإيجابية ووجد الحل المناسب. حمل صليب لبنان ومشى به من القيادة الى جلجلة الرئاسة، حيث انشق الحجاب الذي كان يفصل اللبنانيين عن بعضهم وتلاقى الجميع”.
وختم: “إنجيل اليوم يقول لنا الرب يسوع “أنا إذا ما رفعت، جذبت إلي الجميع”، ويسوع يجذبنا اليه، لكن بواسطة صليبه، لنحمل الصليب، كما حمله الرئيس بشير ورفاقه الشهداء، فيجذبنا يسوع إليه، وينشق الحجاب، كما انشق عند انتخاب بشير رئيسا للجمهورية. نستغفرك أيها الرئيس الشهيد، ونستغفر كل شهدائنا لأننا لم نكن على مستوى شهادتكم. لم نعرف أن نحمل الصليب، بل ضعنا في أنانياتنا وانتماءاتنا وصفقاتنا وانغلقنا على ذواتنا. ففي أيامنا اللبنانية القاتمة السوداء تعالوا نركز على الصليب، كنا وسنبقى أبناء الرجاء المسيحي. كنا وسنبقى ننظر الى المصلوب من خلال القيامة ومن خلال دحرجة الحجر على باب القبر حيث انفجر نور أبدي، وسلام أبدي وحب أبدي، لا تمحوها في ظلمات الحقد والضغينة والحسد والموت. فيا يسوع، من أعلى الصليب الذي عليه انتصرت وخلصت العالم، أعطنا الخلاص في لبنان. وليكن صليبك نورا حقيقيا في نفقنا اللبناني الطويل.
نديم الجميل
وألقى النائب نديم الجميل كلمة قال فيها: “هناك أحلام كثيرة في بلادي، لكن حلم بشير هو الاجمل، لأنه حلم الاجيال والتاريخ والمستقبل. هناك مشاريع وطنية كثيرة في بلادي، لكن مشروع بشير هو الامثل، لانه مشروع سيادة الوطن وكرامة الانسان. هناك خيارات كثيرة في بلادي، لكن خيار بشير هو الأصح، لأنه خيار الامن والحرية، المهابة والعدالة، الميثاق والمساواة. هناك دول كثيرة في بلادي، لكن دولة بشير هي الافضل لانها دولة قوية تلغي كل الدويلات من اجل لبنان”.
أضاف: “ان المصائب التي حلت تواليا على لبنان منذ استشهاده حتى اليوم، ناتجة من ابتعادنا عن مشروع بشير. لو قيض لبشير أن يحيا ويحكم لما بقي محتل في لبنان منذ سنة 1982، ولما نبتت أي دويلة على أرض لبنان، لو قيض لبشير أن يحيا ويحكم، لما كنا اليوم نشكو من دولة ضعيفة وادارة فاسدة وحكومة عاجزة ومجلس نيابي يمدد لنفسه، وسلاح غير شرعي، وانتهاك لحدودنا وسيادتنا، ومن فراغ في سدة الرئاسة. لم يحلم بشير بدولة خيالية بل بدولة واقعية، قابلة التنفيذ، والدليل أن بمجرد انتخابه ارسى بشير في الشعب مفهوم الدولة، وايقظ القيم الاخلاقية والوطنية، تغيرت علاقاتنا، تغيرت عاداتنا، نسينا طوائفنا وصرنا مواطنين. من نسي عهد الواحد والعشرين يوما؟ من نسي زمن بشير؟ مشروع بشير هو لنا جميعا، مشروعه ليس مشروع طائفة أو مذهب، طبقة او منطقة، انما مشروع لكل اللبنانيين هو مشروع المقيمين والمغتربين، الاحياء والشهداء، المسالمين والثائرين. هو مشروع الذين نزلوا الى الساحات وطافوا في الشوارع باحثين عن حرية، عن استقلال، عن حق، عن نزاهة، عن رئيس محترم، عن أمل جديد بلبنان”.
وتابع: “كان بشير صاحب قضية، فأين أصبح أصحاب القضية اليوم؟ أي سياسي لديه سياسة واضحة وثابتة ومستقلة غير سياسة المزايدات والشعبوية والوصولية؟ أين المواقف الوطنية؟ وأين التحالفات الطبيعية؟ إن القوى السياسية اليوم، بأكثريتها، تستمد قوتها من الخارج، عوض أن يكون تأثيرها في الخارج مستمد من قوتها في الداخل، من الشعب. إن الشعب على حق حين يطالب بالتغيير، لكننا نريد تغييرا حقيقيا لا صوريا، تغييرا في الذهنية، لا في الأسماء والأجيال فقط”.
وأردف: “صحيح ان مدخل كل الحلول في لبنان يمر عبر انتخاب رئيس للجمهورية، غير أن الحل الأساسي يبقى بالعودة الى القضية التي ناضل بشير في سبيلها وانتصر واستشهد. قضية بشير، قضيتنا، هي قضية من عمر لبنان، تأسست مع أول لبناني مسيحي أو مسلم هتف: هذه الأرض لنا ونحن لها، هي لنا وطن ونحن له حماة. قضية بشير، قضيتنا، هي ذهنية جديده، هي نمط حياة حضاري، هي بناء دولة الحق والقانون، حيث يعيش كل لبنان أيا كان أصله وفصله، إيمانه ومعتقده، حضارته وثقافته، بحرية وأمن في ظل دولة قوية وعادلة، تعترف بنفسها وبأبنائها، وتوفر لهم المساحة الدستورية لممارسة خصوصياتهم من دون المساس بالآخر، بالتعايش الميثاقي، وبوحدة لبنان. قضية بشير، قضيتنا، هي مجتمع متضامن، ومؤسسات عصرية، واقتصاد حر مزدهر، وسياسة مستقرة. قضية بشير، قضيتنا، هي تعزيز الحضور اللبناني الفاعل والمؤثر في الشرق والعالم من خلال ابتداع دور لبناني ناظم للعلاقات المسيحية – الاسلامية، ولتفاعل مكونات الشرق من دون تكفير وأحادية وهيمنة. قضية بشير، قضيتنا، هي الدفاع عن الوجود المسيحي الحر والفاعل في لبنان والشرق، لا حفاظا على المسيحية فحسب، بل على الحرية والتعددية وهوية لبنان”.
وقال: “إن الوجود المسيحي بالنسبة لبشير، كما بالنسبة لنا، هو أساسي لتجلي الحالة الاسلامية – اللبنانية الخاصة في العالم العربي، فلا مسلم لبناني من دون مسيحية لبنانية رائدة، ولا مسيحي مشرقي من دون إسلام عربي معتدل. لقد أنشىء الكيان اللبناني ليحفظ للمسيحيين، وسائر اللبنانيين، مساحة حرية وأمن، ودورا في صناعة نهضة هذا الشرق. أنشىء الكيان اللبناني ليكون إطار تفاعل حضاري بناء بين المسيحية والاسلام، وأي انتقاص من هذا الدور تحت أي ذريعة، يعرض وحدة الكيان للخطر. فالاعتراف بلبنان وطنا نهائيا يعني اعترافا بثلاثة أقانيم: نهائية ميثاق التعايش، نهائية الدور المسيحي، ونهائية الولاء للبنان من دون سواه، يبقى أن يعي المسيحيون مسؤولياتهم”.
وختم: “إن روح المقاومة البشرية حية فينا، ولا يظنن أحد أنه قادر على اقتلاعنا أو السيطرة علينا. نحن لا نخشى المواجهة أكنا مسلحين أم عزلا، نحن لا نخاف أحدا. نشأنا على الصمود والمقاومة لأجل لبنان، ولبنان فقط. حين كنا عزلا صمدنا، وحين كنا مدججين بالسلاح سالمنا. ولا يظنن أحد أنه إذا صادر بعض القيادات المسيحية، يستطيع أن يسيطر على الوجود المسيحي والمجتمع المسيحي والدور المسيحي. فالقادة زائلون والشعب المسيحي باق. نحن باقون هنا، باقون على ال10452 كلم مربع، باقون رسل السلام والتعايش، رسل الصمود والعزيمة، رسل الكلمة الحق والموقف الحر، باقون حماة الكيان التاريخي والأرض السرمدية”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام